ذهبت إلى المسجد ذات يومٍ لأصلي العصر ، صليت خلف الإمام وعندما إنتهت الصلاة ذهبتُ إلى رُكنٍ
قصة شاب مع طفل في المسجد
- .ذهبت إلى المسجد ذات يومٍ لأصلي العصر ، صليت خلف الإمام وعندما إنتهت الصلاة ذهبتُ إلى رُكنٍ في المسجد لأردد أذكار المساء ..
- وضعت هاتفي أمامي وأخذت أقرأ منه،،
- وقعت عيني على طفلٍ في عُمر العشر سنوات، يدخل من باب المسجد ويلتفت يمينًا ويسارًا
- ثم جاء إليّ وقال بصوت يرتعد ..
- هل جاء الشيخ
- - أي شيخ
- = الشيخ الذي يُحفظ الأطفال
- لم أكن أعلم أن هناك مُعلم هنا ، فهمست له وأنا أبتسم لأنتزع الخوف الذي يسكن وجهه :
- لا لم يأتي بعد .. إجلس بجانبي
- جلس الطفل، وفتح مُصحفهُ وأخذ يُقلب في صفحاته ، فـ همّمتُ لأقول له في أي سورة تحفظ يافتى
- فقطع ذلك صوته الذي كان يرتعد من الخوف وهو يقول
- يا عمي ، هل لك أن تُقرأني مرة أو أكثر حتىٰ أحفظ السورة جيدًا ، فـ والدي يئس من قله تركيزي وضعف حيلتي.. ودائمًا يشتكي من ذلك حتى أصبحت أستحي أن أطلب منه أن يُحفظّني القُرآن
- وعندما أذهب إلى شيخي واخطئ في التلاوة يغضب مني..وأنا لا أُجيد القراءة جيدًا فبعض الكلمات تشُق عليّ
- إبتسمت للطفل وأخذت منه المصحف وهمست له
- إقترب يا حبيب عمك .. وبدأت أُرتل وهو يرتل خلفي
- وبعد ربع ساعة طلبت منهُ أن يُسَمِع ذلك بمفرده فلم يستطع ، تذكرت شيخي عندما قال لي ذات يومٍ
- إذا وجدت صعوبة في الحفظ فـ إفهم الآيات أولًا ثم حاول الحفظ ثانية.. فـ حفظ الآيات بمثابة قفلٍ لباب ضخم يفصل بينك وبين الجنة
- حاول فتح هذا القفل بأي مفتاح على قدر إستطاعتك.. وسيُفتح الباب
- نظرت إلى الطفل ثانية وهو يضغط على إصبعهِ من الخجل فـ تبسمت وهمست له :
- دعك من الحفظ يا فتى .. هل تعرف ماذا تعني هذه الآيات وماذا يقصد بها الله !
- أخذتُ أشرح للفتى الآيات حتى انتهيت من الشرح
- ورددت السورة مرتين وهو يردد خلفي
- ثم طلبت منه أن يقولها بمفردهِ .. فقال بعض الآيات وعندما يشق عليه قول آية أو لا يتذكرها
- يبتسم ويقول لي : هل أخبرك بقصتها؟
- وبعد عدة محاولات حفظ الطفل السورة ، حفظها ك حفظه لسورة الإخلاص
- جاء الشيخ وجاءت الأطفال فـ استأذن الطفل مني ليذهب إليه ، فـ قولت له يا فتى هل أخبرك بشيء تضعه نصب عينيك!؟
- إبتسم وقال لي أجل ..
- مسكت يّد الطفل وقبلتها ثم قُلت
- سيأتي يومًا يُقال لك : يافلان هلُمَ ..
- فـ تذهب ، فـ تسمع ضجيج حفظه القرآن ..
- ويُطلب منك أن تُرتل ، والله وملائكتهُ سيستمعون إليك
- ألا تشتاق لترتل أمام الله ويقول لك رتل سورة كذا
- ثم ربت على كتفه وهمست له بعبارات وددتُ لو قالها أحد لي منذُ الصغر .
- - أنت الآن تُعدُ وتُجهز لتُرتل أمام الله فلا تمل ولا تكل ولا تيأس ولا تشتكي من ضعف حيلتك
- فكل عالم تاركًا للقرآن جاهل..
- ستكبر وتكون حاملًا لكتاب الله وستكون مميزًا في الدنيا عندما تكون إمامًا بالناس .. يرتعد صوتك خشوعًا أثناء تلاوتك
- وستجد نفسك في الآخرة مميزًا ومُكرمًا أمام السفرة الكرام البررة السفرة
- ليكرمنّ الله أهل القرآن ، فـ القرآن كلامه ، و ما أحب الله أحدًا كحبه لأهل القرآن..
- وواللهِ لن يُعذّب الله بالنار لسانًا تلا القرآن ، ولا قلبًا وعاه، ولا أذنًا سَمِعته، ولا عينًا نظرت إلى آياته
- هنيئًا لك زهرة شبابك التي نشأت في ظل آيات الله.
- وقبّلت رأسه ثم قولت له :ط
- الآن إذهب إلى شيخك ورتل وكأنك تُرتل في ظل عرش الرحمٰن والله يستمع إليك .. أنا أثق أنك تستطيع
- - ذهب الطفلُ إلى شيخه ، وكنت آراه كل يومٍ وأُحَفِظّه في المسجد حتى يأتي شيخه ، وبعد شهرين ودعتهُ
- لإنني إنتقلت إلى سكنٍ أخر ، ولم أره منذ هذا اليوم وعلمتُ بعدها أن شيخه أيضًا إنتقل ليُحفظ في مسجدٍ أخر
- - وبعد سبع سنواتٍ خرجت من عملي وركبت السيارة فوقف السائق أمام مسجد لنُصلي المغرب
- دخلت المسجد وذهبت لأصلي حتىٰ رأيت شابًا وجههُ ك قطعة من القمر يُردد
- ( سَوُّوا صُفُوفَكُمْ, فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ)
- كانت ملامح الشاب ملامحٌ أعرفها جيدًا لكنني لا أتذكر أين رأيته.. كان صوته ك صوت الكروان ،صوتُ يتنفس في صدر يعقوب ليعطيه الأمل ، ويبثُ البشرىٰ في قلب أم موسى بعودة طفلها .. صوتٌ يبُشر زكريا بيحيى
- لو كنا خارج الصلاة لطلبتُ منه أن يكثر في التلاوة لأسمعه فتلاوتهِ كانت بمثابة الدواء إلى قلبي .. ف اكتفيت أن أذكر إسمه في سجودي وقولت اللهم زدهُ
- انتهت الصلاة وجلست لأردد أذكار ما بعد الصلاة حتى رأيت الشاب يجلس أمامي ويُقبّل رأسي ويقول
- سأشهد لك يوم القيامة أمام الله أنك كُنت سبب ما أنا عليه الآن
- فـ همتتُ لأقول له من أنت يا فتىٰ!؟
- فقطع ذلك صوته الذي كان يبتسم من شدة الفرحة وهو يقول
- يا عمي ، هل لك أن تُقرأني مرة أو أكثر حتىٰ أحفظ السورة جيدًا ، فـ والدي يئس من قلة تركيزي وضعف حيلتي
- وابتسم وعيناه تذرف الدمع ، ثم قال هل تذكرتني الآن ! ثم قام وأحتضنني .. وقال:
- لقد ختمت القُرآن وأخذتُ الإجازة والآن أصبحت أنا المُحفظ ..
- هنيئًا لك يا عمي تاج الكرامة ، عاملتني بحبٍ وإحتضنت قلبي بلطف قلبك ،وجعلت القُرآن أحب الأشياء إلي دون أن تشعر بذلك ، كنت آتي إليك ضعيفًا فترمم ضعف حيلتي ..
- فهنيئًا لك الجنان بأجر ما حفظت وأجر من أُحفظ
- ياعمي ..
- شكرًا لأنك وثقت بي عندما أقر الجميع أنني لا أستطيع "))
- وقبّل الشاب رأسي وذهب إلى الأطفال ليُحفّظهم "))
- ☜
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق